- société
بقلم ريم الورغي –
في مثل هذا اليوم تحيي تونس ذكرى الانتفاضة الشعبية التي شكلت منعرجا مفصلياً في تاريخ البلاد ، ولعل كل منا يسترجع كيف عاش تلك اللحظات التارخية اللتي قلبت جميع المعطيات …في تلك اللحظات الحاسمة، كان الجميع في حالة مراقبة و إنتظار، هناك من يراقب بحذر وهناك من يراقب برجاء وتعاطف وشغف، وهناك من يراقب بشماتة أمانيه أن تعود تونس ألف سنة للوراء فتعود إلى العبودية والفوضى.
نجح الشعب في إسقاط النظام يومها ؛ و خلنا أن زمن الزعامات قد ولّى وحقبات الولاء للقائد المخلص قد طويت، غير أن الراهن الاجتماعي والسياسي يواجهنا بحقيقة مغايرة تجبرنا على المراجعة والحال أننا نشهد في هذه الفترة تبلور عقلية جماهيرية تنادي بإعادة زمن الزعامة، عبر صعود خطاب تقديس القائد والرئيس في صورة بدائية .
فبعد مرور 9 سنوات من إسقاط نظام الحزب الواحد ، لايزال الشعب التونسي في أغلبه ، إلى اليوم ، يواصل رحلة البحث عن الزعيم الملهم والقائد المنقذ، الذي لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه، ويتغلب على المؤامرات وينتصر على الأعداءو يتمكن من لملمة شتات الشعب على كلمة رجل واحد …
وبالرغم من الدور اللذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي في تحطيم الصورة النمطية للزعيم لتمثل الصوت الشعبي المغاير، إلا أنها في المقابل كرست ثقافة معرقلة لبناء الديمقراطية ومعززة للنظم التسلطيةإذ لازال المواطن التونسي غير مؤمن بحقه وقدرته على مشاركته في القرار وفي رسم سياسة وطنه. تجلى ذلك خصوصاً في المسار الإنتخابي الذي انتهجه عند إختيار رئيسه وممثله في مجلس النواب، موجها بحثه عن الشخص الزعيم الذي يوزع أحلاما وأوهاما بتغيير الواقع الراهن للبلاد بمجرد توليه المنصب.
بلادنا تواجه اليوم جملة من التحديات، لعل ابرزها تشكيل حكومة « ناجحة »، لكن المؤكد أن التحدي الأهم هو بناء ثقافة سياسية للمجتمع تمكنه من تغيير سلوكه أولاً ثم من الارتقاء بوعيه المجتمعي والسياسي. لن تنجح الحكومات مهما تعددت، مادام الوعي السياسي للفرد لم يشمل كل مرحلة من مراحل حياته ، و أنماط سلوكه التى ليس لها علاقة مباشرة بالحياة السياسية. لن تنجح الحكومات مهما تعددت،ما دمنا نكرس لممارسات تنأى بالمسار الديمقراطي كالفساد والمحسوبية، وثقافة الإتكال والتواكل ، وفقدان أو التشكيك في الهوية ….