فندت السيدة نزيهة العبيدي، وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، ما يتم تداوله بشأن تخاذل الهياكل الحكومية في وضع الآليات الكفيلة بتفعيل القانون، مؤكدة أن سنة واحدة غير كافية لتوفير كل ما يستوجبه هذا القانون نظرا للظروف الصعبة التي تمر بها البلاد عموما، مقدرة أن الحكومة قامت بخطوات « إيجابية جدا وعملاقة » نحو ترسيخ القانون
وأفادت في علاقة بالتمويل، أنه قد تم ضمن فصول ميزانية الوزارة لسنة 2019 تخصيص اعتمادات لمناهضة العنف والتمييز ضد المرأة، منها 68 ألف دينار وجهت منها 20 ألف دينار لتنظيم 16 يوما من النشاط للتحسيس بمناهضة العنف بكل أشكاله، وتم تخصيص 596 ألف دينار للتنمية الاجتماعية للنساء بما فيهن المعنفات والمرأة السجينة، إلى جانب رصد 300 ألف دينار من هذا الاعتماد لتهيئة وتجهيز مركزين للنساء ضحايا العنف داخل الولايات
كما تم رصد 300 ألف دينار كمنحة سنوية لتسيير مركز الأمان للنساء ضحايا العنف، وتخصيص 600 ألف دينار في إطار برنامج إدماج مقاربة النوع الاجتماعي
في التخطيط والبرمجة والميزانيات ولتنفيذ خطة العمل المتعلقة بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1325 حول المرأة والأمن والسلم
وأبرزت الوزيرة تعاون وزارة الداخلية وتفاعلها « الإيجابي » مع مطالب وزارة المرأة من خلال عملها على زيادة عدد خلايا التعهد بالنساء ضحايا العنف، والتزامها بتخصيص فضاءات لاستقبال النساء ضحايا العنف وبانتداب أخصائيين في القانون وأخصائيات في الجانب النفسي والاجتماعي
وبخصوص عدم بعث مرصد وطني لمناهضة العنف ضد المرأة، وفقا لما ينص عليه القانون، أوضحت أن ذلك يعود إلى نقص الموارد المالية والبشرية، مما جعل الوزارة تقوم بإحداث خلية صلب الهيكل التنظيمي، ملحقة بالديوان للاضطلاع بالأدوار الموكولة لهذا المرصد، وإعداد مشروع أمر حكومي تمت إحالته على المصالح المختصة برئاسة الحكومة، وذلك في انتظار توفر الظروف الملائمة لإحداثه
وتتولى الخلية رصد حالات العنف ضد المرأة، وتوثيقها والآثار المترتبة عنها بقاعدة بيانات خاصة بها ومتابعة تنفيذ التشريعات والسياسات وتقييم نجاعتها وفاعليتها في القضاء على العنف ضدّ المرأة ونشر تقارير في الغرض مع اقتراح الإصلاحات المستوجبة، فضلا عن القيام ببحوث علمية وميدانية حول العنف ضدّ المرأة لتقييم التدخلات المستوجبة
كما تساهم في إعداد الاستراتيجيات الوطنية والتدابير العملية المشتركة والقطاعية، ورسم المبادئ التوجيهية للقضاء على العنف ضدّ المرأة ووضع الخطة الاتصالية للقضاء على هذه الظاهرة، وإبداء رأيها في برامج التكوين والتدريب وتأهيل كل المتدخلين في المجال، واقتراح الآليات الكفيلة بتطويرها وحسن متابعتها
وقد شارفت الخلية على إنهاء مشروع التقرير الأول حول العنف ضد المرأة، بعد مرور سنة عن دخول القانون حيز النفاذ، وقد تلقى الرقم الأخضر إلى حدود شهر نوفمبر الفارط قرابة 3 آلاف مكالمة، حسب ما أفادت به السيدة الوزيرة
وكشفت هذه المكالمات أن العنف الجسدي المسلط على النساء من قبل الزوج هي النسبة الأكبر وذلك في حدود 1600 حالة، ثم العنف المعنوي، فالعنف الاقتصادي، وأخيرا العنف الجنسي بحوالي 130 حالة
ولا تعكس هذه الأرقام بأي شكل من الأشكال مدى تفشي العنف ضد المرأة في المجتمع، حسب السيدة الوزيرة، التي أوضحت أن العديد من النساء استبطنّ العنف على أنه أمر عادي، وهن غالبا ما يعتبرن أن الإهانة اللفظية أو المس من الكرامة ليس عنفا، كما أن بعض الزوجات لا يعتبرن أن معاشرة أزواجهن لهن دون رضاهن وقبولهن يعد عنفا جنسيا
وأفادت أن التبليغ لا يتعلق في أحيان كثيرة بالمستوى الثقافي أو المجتمعي بل بمدى جرأة المرأة على وضع حد لكل من مارس ضدها العنف واتخاذ الإجراءات القانونية ضده، مبرزة حرص الوزارة على ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان ونبذ العنف لدى مختلف أفراد المجتمع، من خلال عدة برامج منها برنامج « إعداد الشباب للحياة الزوجية » وبرنامج « التربية الوالدية »، فضلا عن تعاونها مع وزارة الشؤون الدينية لتضمين مبادئ احترام الآخر ونبذ العنف في خطب الجمعة
وعلى تلك الجهود المبذولة والنقائص المسجلة في تكريس القانون على أرض الواقع يظل هذا المرجع القانوني وسيلة للتشبث بالعمل على الحد من كافة أشكال العنف المسلط على المرأة وعلى الطفل، لا سيما في ظل ارتقاء العنف في المجتمع التونسي والعلاقات المتوترة بين أفراده إلى مستوى الظاهرة وهو يستوجب نشر ثقافة تامة لنبذ العنف والتعايش رغم الاختلاف