منذ سنتين كانت انطلاقة الفنان ناصيف زيتون، من هنا ، من مسرح قرطاج . في ذلك الوقت كان فنانا « شابا »، صوته جميل، غامر به مدير المهرجان « مختار الرصاع »، أصر على برمجته وكله ثقة في أن انطلاقته الكبرى ستكون من مسرح قرطاج العظيم. ولم يخب توقعه. وهاهو يعود من جديد أكثر ألقا مما أدى إلى اتخاذ قرار برمجته في عرضين اثنين الأحد 18 والاثنين 19 أوت 2019 وفي كليهما يغني أمام شبابيك مغلقة
صوته جميل. إحساسه عال. حضوره جذاب. لطيف يحتفظ دائما بابتسامة هي جواز سفره لقلوب محبيه. متواضع ولبق في التعامل. رافقته في رحلته إلى تونس والدته التي كانت سعيدة ومندهشة وهي تدخل إلى المسرح وترى الآلاف من المعجبين في انتظار صغيرها. أما « ناصيف » فكان في الكواليس هادئا، مخفيا ارتباكه. فكل هذا الحب من جمهوره التونسي عليه أن يحسن القبض عليه بصوته وبكرمه في الغناء.
« قالوا العشق مع الوقت بيقل. كلمة صدق، ما أقدرت منك مل. بعدها بترجف إيدي إن سلمت. بعيش أزمة نفسية إن غبت »
هكذا أنشد « ناصيف » في الكواليس قبل أن يهتز المسرح الروماني بقرطاج صراخا لحظة دخوله على إيقاع أغنية « على أي أساس ». غنى بثبات على الرغم من عدم قدرته على السيطرة على الجمهور الذي كان يسبقه في آداء أغانيه. تحرك بثبات على الركح. تحدث قليلا وغنى على مدى ساعتين عددا من أنجح أغانيه: « بدي ياك »، « نامي ع صدري »، « مش عم تضبط معي »، « كلو كذب »، « تعال »، « خلص استحي »، « تكة »، « ما ودعتك »، « ما بظن »… كما احتفى بسوريا بموال وأغنية مؤثرة، وفاجأ جمهوره بأغنية « أصل الزين » التي أداها بتمكن، والجميل أنه في هديته التونسية هذه لم يذهب في اتجاه السهل الممتنع، ولم يختر أغنية رددها صابر الرباعي مثلا والآلاف بعده، بل اجتهد في اختيار أغنية غير مستهلكة، تتماشى مع صوته، فوفق في آدائها
« ناصيف زيتون » ليس ظاهرة صوتية يمكن أن تتبخر في أية لحظة. هو فنان يملك صوتا عالي الإمكانيات. يحسن اختيار أغانيه، ويعرف في الوقت نفسه كيف يكسب الجمهور بلباقته وتواضعه. لم يحلق بعيدا عن أرض الخضراء التي منحته الكثير من الحب ولم تطلب منه سوى إسعاد أبنائها، وهو لا يبخل عليهم بذلك