حث رئيس الجمهورية بالنيابة محمد الناصر، يوم الخميس 15 أوت، الحكومة على مواصلة جهودها لمعالجة الواقع الاجتماعي للمرأة التونسية والتعجيل بتنفيذ الإجراءات التي جاء بها القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة مبرزا قناعته الراسخة بأن التمكين الإقتصادي شرطٌ لدعمِ مكاسب المرأة في المجتمع ومكانتِها في الأسرة خاصة أنها تشارك في التنمية الإقتصادية للبلاد وفي الناتج القومي الخام بما يقارب النصف.
وأكد في كلمة ألقاها خلال موكب التأم بقصر قرطاج بمناسبة العيد الوطني للمرأة التونسية الموافق للذكرى 63 لإصدار مجلة الأحوال الشخصية، أن المسار الإصلاحي في ما يخص أوضاع المرأة عرف نسقا تصاعديا منذ تولي الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي رئاسة الحكومة سنة 2011 وبعد توليه رئاسة الجمهورية سنة 2014، حيث تعمق هذا المنحى من خلال إصدار العديد من القوانين الأساسية التي عززت حقوق المرأة ومكانتها في المجتمع وآخرها اقتراح مشروع قانون يتعلق بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة صادق عليه مجلس الوزراء، وأحيل على مجلس نواب الشعب الذي لم ينته بعد من مناقشته.
وعبر عن ثقته في أن يواصل البرلمان المقبل دراسة مشروع هذا القانون والعمل على توفير الظروف الملائمة للمصادقة عليه مؤكدا أن الطريق ما تزال مفتوحة من أجل تجسيم حقوق المرأة على أرض الواقع رغم المكاسب الكثيرة التي تحققت في مجال إقرارهذه الحقوق ودعم مكانة المرأة في المجتمع.
وقال » اليوم، وبعد أن نجحت ثورتنا في إزاحة كابوس الاستبداد فإننا في حاجة إلى صياغة عقد اجتماعي جديد كفيل بتكريس قيم وآليات النموذج المجتمعي المدني الديمقراطي العادل والمتوازن الذي نريده لبلادنا » مؤكدا أن هذا العقد الإجتماعي لايمكن أن يرى النورَ إلا عبرَ دعم ومشاركة كل القوى الحية في البلاد، ولن يكون فعالا إلا إذا كان للمرأة فيه مكانتها.
وأعرب الناصر عن يقينه بأن كل القوى في المجتمع التونسي من أحزاب ومنظمات وجمعيات ونخب سوف تتفاعل إيجابيا أثناء وبعد الإنتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة في تونس مع كل المقترحات التقدمية والمشاريع التحررية التي من شأنها أن تصون كرامة المرأة التونسية وحقوقها وحريتها وأن تعزز مكاسبها التقدّمية التي حقّقتها منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية بما يكفل لها أن تتبوأَ المناصب القيادية في مختلف المجالات خدمةً للوطنِ.
وذكر بأن مجلة الأحوال الشخصية تعد أول قانون لدولة الإستقلال، جسم الحقوق المدنية والسياسية للمرأة التونسية، ووضع تونس في مدار الزمن الذي تعيشه الإنسانية المتقدمة، ذلك أن أبعادها لا تنتهي بإقرار وترسيخ الحقوق المدنية والسياسية للمرأة بل تتجاوزها للإعلان عن مشروع مجتمعيّ جديد حامل لقيم الحداثة والمساواة بين النساء والرجال في الحقوق والواجبات، حسب قوله.
ولاحظ أن نساء تونس ساهمن في كل المعارك المصيرية في تاريخ البلاد، ولاسيما في حركة التحرر الوطني والعمل من أجل الإستقلال، كما كانت، بعد الثورة في المواقع الأمامية للدفاع عن مكتسبات الدولة الحديثة وعن مدنيّتها، لافتا إلى أن نجاحات المرأة التونسية حاليا في كل المجالات تعد دليلا على أن تونس كسبت رهانها على المرأة وحققت بالتالي قفزة تاريخية قياسا بمحيطها الجغرافي والحضاري والسياسي.
وحيا رئيس الجمهورية بالنيابة، بالمناسبة، المرأة التونسية العاملة في الإدارة وفي جميع القطاعات وخاصة المرأة الريفية » التي مازالت ظروفها تستحق العناية والتحسين » مؤكدا أن حقوق النساء ما تزال تستوجب من الجميع مزيدا من الجهد والنضال ومواصلةَ العملِ والنضال ِحتى تتحقق الأهداف السامية للثورة التي دشنتها مجلة الأحوال الشخصية، حسب قوله.